الجمعة، 22 نوفمبر 2013

فرنسا تحلم بمَحو ذاكرة الشعب الجزائري


وكالة أنباء القذافي العالمية - مقالات.
فرنسا تحلم بمَحو ذاكرة الشعب الجزائري

ما دام أنّ فرنسا لم تُطلّق فكرها وسياستها الإستعمارية، فلا يُمكن ارتقاب أي تقارب جدّي بين فرنسا والجزائر إلى يوم الدين، أقول هذا الكلام ردّا على التقرير البرلماني الفرنسي الذي حذّر من انتكاسات وتوترات جديدة في العلاقات الفرنسية الجزائرية، والذي اعتقد مُحرروه أنّ المُصالحة بين البلدين لن تتحقق إلا بعد جيل أو جيلين، وكأنّنا بفرنسا تنتظر وصول جيل جديد من الحركى والخونة إلى السلطة في الجزائر، لإقامة تطبيع إستعماري جديد مع الشعب الجزائري.
والمُؤكد اليوم أنّ هذا التقرير الذي تمت مناقشته على مستوى لجنة الشؤون الخارجية الفرنسية بالجمعية الوطنية الفرنسية في 30 أكتوبر الماضي، والذي يُقرّ بتعقد مسار العلاقات بين البلدين، وأنه لا حلّ ولا مخرج من هذه الحالة إلا برحيل جيل الثورة، كما سبق أن صرّح بذلك وزير الخارجية الفرنسي السابق برنار كوشنير، سنة 2007، فهذا التقرير، إنما يُجدّد التأكيد بأن فرنسا لا تزال إلى يومنا هذا، ناقمة على استقلال الجزائر، وأنها تتلهّف لرؤية جيل جديد من الجزائريين، ينبطح أمامها، لإعادة بسط هيمنتها على الجزائر، ورأينا في هذا السياق، كيف أنّ فرنسا على عهد مُجرم الحرب ساركوزي، كانت تُمثل رأس الحربة فيما سُمّي بالربيع العربي، ففرنسا قادت العُدوان على ليبيا الشقيقة، ودمّرت أسس الدولة فيها، بغرض خلق منطقة توتر، تُتيح لها اختراق الجزائر بالدرجة الأولى، لكنّ فرنسا البليدة، وُوجهت بيقظة جزائرية لم تكن في الحسبان، وسُدت في وجهها ووجه أدواتها من الأعراب، وعلى رأسهم أمراء الخيانة من القطريين، كلّ المنافذ، فلجأت وكعادتها إلى البحث عن منفذ آخر، لزعزعة الأوضاع في الجزائر، وكانت دولة مالي خير ميدان لتحقيق الوهم الفرنسي، لكن مرّة أخرى أبانت الجزائر المُستقلة، والقوية بجيشها الوطني الشعبي، أنها في مُستوى التحديات، وأغلقت ثغرة الوهم الفرنسي، كما أغلقت قبلها ثغرة "ثيقنتورين" التي أرادت فرنسا وقطر وحُلفائهما من خلال عملية احتجاز الرهائن بها، عبر أداة تنظيم القاعدة الإرهابي، ضرب الإستقرار والأمن الجزائري في الصميم، وبرأيي أنّ فرنسا اليوم، ومن خلال تبنيها لأطروحة إنتظار جيل أو جيلين جديدين في الجزائر، لتحقيق التطبيع المنشود، قد أقرّت بفشل مُناوراتها ومُؤامراتها، وغالب الظنّ أنها ستُراهن من اليوم وصاعدا على مُضاعفة تجنيد الخونة من الجزائريين، لتحقيق أهدافها الخبيثة، لكن ما لا تعلمه فرنسا بنظري، أنّ الشعب الجزائري، قد نجح في غرس أجيال من الجزائريين في قلب فرنسا، إلى درجة أن هذه الأجيال الجديدة، لم تعد تُقيم أي حساب للسلطات الفرنسية كلّما تعلّق الأمر باحتفال جزائري في المُستوى، كما كان الحال عليه بعد تأهل الجزائر لمونديال البرازيل بعد فوز الفريق الوطني الجزائري على نظيره البوركينابي، فغالبية المُدن الفرنسية، شهدت خروج آلاف الجزائريين للإحتفال بهذا الفوز التاريخي، إلى درجة أنهم غطّوا على احتفال الفرنسيين بتأهلهم إلى المونديال، وبذلك يحق لنا أن نقول للفرنسيين الواهمين والمُتوهمين، بأنهم سيستعيدون الهيمنة على الجزائر، بأننا بتنا اليوم كجزائريين نُهيمن على فرنسا، وبمقدورنا أن نخلط حساباتها وقتما شئنا، ودونما أن ننتظر ظهور أجيال جديدة، ولا أظنّ أن فرنسا قادرة اليوم على توطين واحد من الألف، من عدد الجزائريين المتواجدين عندها، من أبنائها الفرنسيين، فالحمد لله أن الجزائريين باتوا يتحكّمون في الجغرافيا الفرنسية، وأي تهوّر فرنسي تُجاه الجزائر، لن يُواجه برأيي إلا في داخل فرنسا، من قبل ملايين الجزائريين المُقيمين بها أو المُتجنسين بجنسيتها، فالجزائر وبالنظر إلى هذه المُعطيات والحقائق الميدانية، هي من تستطيع أن تخلق القلاقل لفرنسا وليس العكس، فالجزائر، لن تكون مُضطرة إلى نقل جنودها إلى التراب الفرنسي، بعكس الفرنسيين الذين استأذنوا الرئيس بوتفليقة للمرور عبر أجوائنا للوصول إلى مالي، ووصلوا بالفعل إليها، لكنّهم لم ولن يُبدّلوا فيها تبديلا، برغم الدعم الكبير للقصر الملكي المغربي، الذي قفز ملكه محمد السادس فوق كلّ الحواجز ليصل إلى مالي ويُشارك في تنصيب رئيسها الجديد، فالجزائر التي هي قادرة اليوم على تقديم بطاقة تعريف لكلّ ذرّة من رمال مالي ورمال صحراء الساحل، لا يبدو أنها بحاجة للبحث عن أيّ دعم في منطقة هي التي تُدعم سكانها وتضمن لهم المأكل والمشرب، من باب احترام مبادئ حسن الجوار ليس إلا...
أمّا فرنسا الإستعمارية الجديدة، فهي ما قدمت إلى مالي، إلا لحماية مناجم اليورانيوم التي تموّن مُفاعلاتها النووية ومُفاعلات عديد الدُّول الأوروبية، في النيجر على وجه التحديد، والتي يستغل فيها الفرنسيون ثاني أكبر منجم لليورانيوم في العالم، فالمُعادلة إذن ليست مُتساوية بين الجزائر وفرنسا، فالجزائر لم تُفكّر يوما في استغلال ثروات جيرانها، بل عملت دائما على مُساعدتهم على التحرر من الهيمنة الإستعمارية الجديدة، من منطلق أن سياسة التعاون هي التي تُؤتي أكلها، وليس سياسة الهيمنة، التي تُريد فرنسا اليوم إعادة تكريسها لاستعادة ماضيها الإستعماري الإجرامي.
وأعود من جديد إلى حُلم فرنسا، بأنه بمقدورها استعادة هيمنتها على الجزائر، بعد ظهور جيل أو جيلين جديدين، أو انقراض جيل الثورة، لأؤكّد أنّ هذا الشعب، ليس عاقرا، وأنه اليوم ومع تطور الوعي الوطني الجزائري، لا يُمكن لفرنسا أن تكسب ودّ الجزائريين، إلا باعترافها بجرائمها البشعة ضد الإنسانية، بحقّ الجزائريين طوال 132 سنة من الإستعمار، لأنّ ذاكرة الشعوب، ما هي إلا تراكم لتاريخ وتجارب ونضال أجيالها، وفرنسا مهما حاولت لن تنجح في محو ذاكرة الجزائريين، وعليها عوض ترقّب وصول أجيال جديدة، لأن تعترف بجرائم حقبتها الإستعمارية بحقّ الجزائريين، وما عدا ذلك، فهو ضرب من الوهم والجنون، لأنه لم يُسجّل إلى يومنا هذا أنّ أحدا نجح في اختراع ممحاة لمحو ذاكرة الشُّعوب.


الكاتب/ زكرياء حبيبي - الجزائر.

0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More