السبت، 12 أكتوبر 2013

تجسيدا للديموقراطية..القاعدة تؤسس دولتها في ليبيا


وكالة أنباء القذافي العالمية - مقالات.
تجسيدا للديموقراطية..القاعدة تؤسس دولتها في ليبيا


منذ أن انطلق تنفيذ مؤامرة الربيع العربي، حذّر والدي رحمه الله المجاهد جمال الدين حبيبي من تبعات التحالف القائم بين تنظيم القاعدة ودُويلات الخليج والغرب وأمريكا، وجاء تحذيره المباشر في مقال نشرته العديد من المواقع على شبكة الأنترنيت شهر جوان 2011، تحت عنوان: "تحالف ضد الطبيعة بين القاعدة والصليبيين وقطر"، وقد لاقى هذا المقال إنتقادات كبيرة ولاذعة من قبل من قدّموا أنفسهم على أنهم رواد "الربيع العربي" والمدافعون عنه، لأنهم لم يستسيغوا على الإطلاق أن يتحالف الغرب "الديموقراطي" ومعه أمريكا "أمّ الديموقراطية" مع تنظيم القاعدة الإرهابي.
وبعد مرور سنتين، على الإطاحة بالزعيم معمر القذافي واغتياله، يخرج عناصر تنظيم القاعدة في ليبيا إلى العلن، ليعلنوا انقلابهم على حُلفائهم من حلف الناتو وأعراب الخليج، باختطافهم فجر يوم الخميس 10 أكتوبر 2013، رئيس الحكومة الليبية علي زيدان، كردّ فعل على اختطاف أمريكا للقيادي القاعدي أبو أنس الليبي، بعدما نظموا مظاهرات في العاصمة الليبية طرابلس رفعوا خلالها أعلام القاعدة، فعناصر القاعدة بليبيا الذين يتسترون تحت تسمية "غرفة عمليات ثوار ليبيا"، أو "ثوار ليبيا" استشعروا بعد اعتقال "أبو أنس" أن هنالك شبه انقلاب عليهم من قبل الأمريكيين، الذين لم ينسوا حادثة مقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريس ستيفنز في هجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي في 11 ايلول/سبتمبر 2011، وهو الإنقلاب الذي يأتي مُباشرة بعد التطورات الكبيرة في ملف الأزمة السورية، والذي أعلنت أمريكا بشأنه التخلي عن الخيار العسكري، وأكدت بالمُقابل أنه لا يُحلّ إلا بالطرق السياسية، أضف إلى ذلك التقارب المُسجل بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، والذي إلتحقت به بريطانيا، والذي أزعج إلى حدّ بعيد إسرائيل ومُشغلي تنظيم القاعدة وعلى رأسهم المملكة السعودية، التي تكفلّ رئيس مُخابراتها بندر بن سلطان بالملف السوري وحتى العراقي بعد فشل مشيخة قطر في الإطاحة بنظام الرئيس الدكتور بشار الأسد، ما كلفها تنحية أميرها ورئيس حكومته، فتوقيت إعتقال "أبو أنس"، أفزع الجهات المُتحكمة في تنظيم القاعدة، فكان أن بعثت من خلال إختطاف رئيس الحكومة الليبية علي زيدان، رسالة للأمريكيين، بأنها قادرة على قلب الموازين في ليبيا، وأكثر من ذلك، فهي باستطاعتها التأثير على الأوضاع في تونس وهو ما يُستشفّ من تصريحات الإرهابي وزعيم "ثوار الناتو" عبد الحكيم بلحاج الذي أكد بأنه لن يسمح بإفساد العلاقات معها، علما هنا أن الأخير متهم بالتورط في اغتيال شكري بلعيد والبراهمي، فبلحاج بحسب المحللين يُعتبر من أكبر زعماء تنظيم القاعدة، الذين يعبثون بأمن وسلامة، العديد من الدول، وعلى رأسها سوريا وتونس ومالي ..وبهكذا تكون القاعدة قد ألمحت لأمريكا والغرب، برغم إطلاقها سراح رئيس الحكومة الليبي علي زيدان، أنها قادرة على خلط الأوراق في منطقة شمال إفريقيا بالأساس، كما أنها قادرة كذلك على اللعب وبقوة في المناطق الساخنة كسوريا التي ورّد إليها "ثوار الناتو" السلاح الكيماوي الذي استعمل بخان العسل والغوطة الشرقية، فليبيا برأيي أُريد لها من قبل الأمريكيين وعملائهم وخُدّامهم من الأعراب الخليجيين، أن تتحوّل إلى أكبر مستودع لتوريد الأسلحة والإرهابيين إلى دُول الرّبيع العربي، وقد نجحت إلى حدّ بعيد في هذه المُهمة، لكنّ فشلها وفشل الأعراب وأسيادهم من الأمريكيين في تركيع سوريا قلب العروبة النابض، استدعى من الأمريكيين إعادة التموقع، للحفاظ على مصالح أمريكا بالدرجة الأولى، والأخيرة لم يبق أمامها، -خاصة في ظل الوهن الإقتصادي والمالي الذي ألمّ بها- سوى التخلّص من أدوات عدوانها، وعلى رأسها، جماعة القاعدة والتكفيريين، لتثبت للحلف الآخر، أي روسيا وإيران وحلفائهما، أنها جادة في الذهاب إلى التسوية الشاملة، التي ستفضي بالضرورة إلى التضحية بعُملائها من تنظيم القاعدة ومُشغليهم، والحال كذلك، فلا يُمكننا إلا أن نتوقع ردّات فعل قوية من هذا التنظيم الإرهابي ومُشغّليه، وهو ما بدأنا نتلمّسه بالخصوص في العراق، الذي بات يُواجه أكبر مسلسل تفجيرات في تاريخه، وفي سوريا، التي انطلق فيها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش" في إلتهام حُلفائه من "الجيش الحُرّ"، لوأد أيّ تسوية للأزمة في سوريا، فالقاعدة برأيي كانت أدهى من الأمريكيين وحُلفائهم الغربيين، فهي استفادت من تدخلهم العسكري، في ليبيا للهيمنة عليها، إلا أنها لم تقبل بمنطق التسوية في سوريا، بعدما راهنت على عدوان أمريكي عليها، يفتح الأبواب على مصراعيها للتنظيم، وهي في هذا الموقع الحساس للغاية، لا يُستبعد على الإطلاق أن ترتدّ على تركيا وقطر والسعودية، وحتى أمريكا، وتعلن عليهم الحرب جميعا، وهو الخطر الذي بدأت تستشعره تركيا "أردوغان" وتُحاول استباقه ببناء جدار عازل على حدودها مع سوريا بالقرب من المناطق الكردية، بالإضافة إلى تشديد مُراقبتها على الحدود مع البلدين، وبرأيي كذلك أنّ تُركيا سوف لن تقوى على مُواجهة الخطر الإرهابي، بعدما سمحت له بإيجاد بيئة حاضنة في مُجمل الاراضي التركية، فتركيا ستُواجه أكبر خطر أمني في المدى القريب، لأنّ حكومتها الراعية للإرهاب، والداعمة له، لا يُعقل على الإطلاق أن تتصدى له في حال انقلابه عليها، اللهمّ إلا إذا تمّت تنحية أردوغان وجماعته، وهو ما لا يُمكن أن يتحقق في القريب العاجل، ما يعني أن تُركيا ستكون مُضطرة لدفع الفاتورة غاليا، شأنها شأن باقي الدول الخليجية التي رعت التنظيمات الإرهابية وموّلتها، وأرسلت عناصرها إلى سوريا والعراق بالأخص.
وما دام أن مشيخات الخليج والعثمانيين الجُدد قد أُصيبوا بأكبر انتكاسة في تاريخ عمالتهم لأمريكا وبريطانيا وإسرائيل، وما دام أنّ أمريكا قد بدأت تُفكّر في الرجوع إلى جادة الصواب، وفضّ عقد التحالف مع تنظيم القاعدة ولو مؤقتا، فهل يقوى الأعراب والعثمانيون الجُدد على أن يثوروا على أمريكا وبريطانيا، ويُغيّروا بوصلتهم إلى جهات أخرى؟ بكُلّ تأكيد أن مصير الخونة هو مزبلة التاريخ، لأن الأعراب والعُثمانيين الجُدد ما هم إلا أدوات استعملتها أمريكا وحتى القاعدة لتحقيق مآربهما، وأنه مع انتهاء المهمة أو اللّعب، يحق للاعبين الأقوياء فقط أن يتأهّلوا للأدوار التنافسية القادمة، أما الأدوات فمصيرها هو سلّة المُهملات لا غير.
من هنا أترقّب أن يعمل تنظيم القاعدة على إعلان دولته في ليبيا أو أحد أجزائها، إن لم يكُن قد أقام بالفعل دولته هناك، ما دام أنه بات قادرا على اختطاف رئيس الحكومة، وإطلاق سراحه، وإعلان دعمه لجماعة الإخوان المسلمين في تونس ومالي، ومدّ إرهابييه بالسلاح والمال في سوريا والعراق... وهنا أخلص إلى القول، أن تنظيم القاعدة كان هو الرابح الكبير في مُؤامرة الربيع العربي، التي تحالف فيها بدهاء مع أمراء المشيخات والأمريكيين وعدد من الدول الأوروبية، التي باتت تحسب ألف حساب لعودة مُقاتلي القاعدة من الأوروبيين الذين تمّ إقحامهم في الحرب على ليبيا وسوريا بالأخص، ومن خلال استقراء كل هذه المُعطيات، يحقّ لي القول: "نجحت القاعدة في تأسيس دولتها في ليبيا..فهل تنجح أمريكا والغرب وعُربان الخليج في ضمان أمنهم وسلامتهم بعد اليوم؟؟".


بقلم/ زكرياء حبيبي - الجزائر.

0 التعليقات:

إضغط هنا لإضافة تعليق

إرسال تعليق

Blogger Widgets

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More